بـسـم الله ـآ‘لـرحـمـن ـآ‘لـرحـيـم
ـآ‘لـقـصـة ـآ‘لأوٍلـي..بدء ـآ‘لـوٍحـي إلـي رسـول الله
* أخرج
الإمام البخاري رحمه الله .. عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت : أول مابدئ
به رسول الله صلي الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة فى النوم كان لا
يري رؤيا
إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب إليه الخلاء وكان يخلو بغار
حراء فيتحنث فيه وهو التعبد الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلي أهله
ويتزود لذلك ثم يرجع إلي خديجة فيتزود لمثلها حتي جاءه الحق وهو
في غار
حراء فجاءه الملك فقال : اقرأ .. قال :" ما أنا بقارئ " .. قال : " فأخذني
فغطني حتي بلغ مني الجهد ثم أرسلني " ..فقال : اقرأ .. قال :" ما أنا بقارئ
" .. قال : " فأخذني فغطني الثانية
حتي بلغ مني الجهد ثم أرسلني " ....
فقال : " اقرأ " ..فقالت : " ما أنا بقارئ فغطني الثالثة حتي بلغ مني
الجهد ثم أرسلني " ...فقال : " اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من
علق * اقرأ وربك
الأكرم"..... فرجع بها رسول الله يرجف فؤاده فدخل علي
خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقال : " زملوني زملوني " فزملوه حتي ذهب
عنه الروع فقال : لخديجة وأخبرها الخبر : " لقيت خشيت علي
نفسي "...
قالت خديجة: كلا والله ما يخزيك الله أبداً إنك لتصل الرحم وتحمل الكل
وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين علي نوائب الحق فانطلقت به خديجة حتي أتت
به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد
العزي ابن عم خديجة وكان امرأ قد تنصر
في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العبراني فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء
الله أن يكتب وكان شيخاً كبيراً قد عمي فقالت له خديجة : ياابن عم اسمع من
ابن
أخيك .. فقال له ورقة : ياابن أخي ماذا تري فأخبره رسول الله خبر
مارأي فقال له ورقة : هذا الناموس الذي نزل الله علي موسي يا ليتني فيها
جذعاً ليتني أكون حياً إذ يخرجك الله قومك ..
فقال رسول الله : " أو
مخرجي هم " .. قال : نعم لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي وإن يدركني
يومك أنصرك نصراً مؤزراً ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي ...
**
قوله " مثل فلق الصبح " : بنصب مثل علي الحال ، أي : مشبهة ضياء الصبح ..
**
قوله " فيتحنث " : هي بمعني يتحنف أي يتبع الحنفية وهي دين إبراهيم ...
**
قوله " لمثلها " : أي الليالي ...
** قوله " حتي جاءه الحق " : أي
الأمر الحق ...
** قوله " فغطني " : بغين معجمة وطاء مهملة وفي رواية
الطبري بتاء مثناة من فوق كأنه أراد ضمني وعصرني ، والغط حبس النفس ...
**
قوله " فرجع بها " : أي بالآيات أو بالقصة ..
** قوله " فزملوه " : أي
لفوه والورع بالفتح يعني الفزع ...
** قوله " فانطلقت به " : أي مضت معه
فالباء للمصاحبة وورقة بفتح الراء ..
** قوله " مؤزراً " : بهمزة أي
قوياً مأخوذ من الأرز وهو القوة وأنكر القزاز أن يكون فى اللغة مؤزر من
الأرز ...
** قوله " ثم لم ينشب " : بفتح الشين المعجمة أي لم يلبث ...
**
قوله " فحمي الوحي " : أي جاء كثيراً ..
** قوله " وتتابع " : تأكيد
معنوي ويحتمل أن يراد بحمي قوي وتتابع تكاثر ...
ثم قال البخاري رحمه
الله .. قال ابن شهاب : وأخبرني أبو سلمة بن عبدالرحمن أن جابر بن عبدالله
الأنصاري قال : وهو يحدث عن فترة الوحي فقال فى حديثه : " بينا أنا أمشي إذ
سمعت
صوتاً من السماء فرفعت بصري فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس علي كرسي
بين السماء والأرض فرعبت منه فرجعت فقلت : زملوني زملوني ، فأنزل الله
تعالي :
ياأيها المدثر قم فأنذر ... إلي قوله ... والرجز فاهجر ....
فحمي الوحي ...
ـآ‘لـقـصـة ـآ‘لـثـانـيـة
... قـصـة الإسـراء وٍالمـعـراج
قال الإمام البخاري رحمه الله ..:
عن
أنس بن مالك قال : كان أبو ذر يحدث أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال
:" فرج عن سقف بيتي وأنا بمكة فنزل جبريل ففرج صدري ثم غسله بماء زمزم ثم
جاء بطست من ذهب ممتلئ
حكمة وإيماناً فأفرغه في صدري ثم أطبقه ثم أخذ
بيدي ..
فعرج بي إلي السماء الدنيا فلما جئت إلي السماء الدنيا قال
جبريل : لخازن السماء افتح ..قال : من هذا قال : هذا جبريل .. قال هل معك
أحد قال : نعم معي محمد فقال : أرسل إليه قال : نعم
فلما فتح علونا
السماء الدنيا فإذا برجل قاعد علي يمينه أسودة وعلي يساره أسودة إذا نظر
قٍبل يمينه ضحك وإذا نظر قٍبل يساره بكي فقال : مرحباً بالنبي الصالح
والابن الصالح
قلت لجبريل من هذا ..؟ قال : هذا آدم وهذه الأسودة عن
يمينه وشماه نسم بنيه فأهل اليمين منهم أهل الجنة والأسودة التي عن شماله
أهل النار فإذا نظر عن يمينه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكي ...
حتي عرج بي
إلي السماء الثانية فقال : لخازنها افتح فقال له خازنها مثل ما قال :
الأول ففتح قال : أنس فذكر أنه وجد فى السموات آدم وإدريس وموسي وعيسي
وإبراهيم صلوات الله عليهم ولم
يثبت كيف منازلهم غير أنه ذكر أنه وجد
آدم فى السماء الدنيا وإبراهيم فى السماء السادسة .."
قال أنس : فلما مر
جبريل بالنبي إدريس .. " قال مرحباً بالنبي الصالح والأخ الصالح فقلت : من
هذا .؟ قال : هذا إدريس ثم مررت بموسي فقال : مرحباً بالنبي الصالح والأخ
الصالح قلت: من هذا
قال : هذا موسي ثم مررت بعيسي فقال : مرحباً بالأخ
الصالح والنبي الصالح فقلت من هذا قال : هذا عيسي ثم مررت بإبراهيم فقال :
مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح قلت من هذا قال: هذا إبراهيم
قال
ابن شهاب : فأخبرني ابن حزم أن ابن عباس وأبا حبة الأنصاري كانا يقولان :
قال النبي صلي الله عليه وسلم : " ثم عرج بي حتي ظهرت لمستوي أسمع فيه صريف
الأقلام قال ابن حزم
وأنس بن مالك قال : النبي صلي الله عليه وسلم :
فرض الله عز وجل علي أمتي خمسين صلاة فرجعت بذلك حتي مررت علي موسي فقال :
ما فرض الله لك علي أمتك قلت فرض خمسين صلاة
قال : فارجع إلي ربك فإن
أمتك لا تطيق ذلك فراجعت فوطع شطرها فرجعت إلي موسي قلت وضع شطرها فقال :
راجع ربك فإن أمتك لا تطيق فراجعت فوضع شطرها فرجعت إلي موسي قلت وضع
شطرها
فقال : راجع ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك فراجعته فقال هي خمس وهي خمسون لا
يبدل القول لدي فرجعت إلي موسي فقال راجع ربك فقلت استحييت من ربي ثم انطلق
بي حتي انتهي بي إلي
سدرة المنتهي وغشيها ألوان لا ادري ما هي ثم أدخلت
الجنة فإذا فيها حبايل اللؤلؤ وإذا ترابها المسك .."
** قال ابن حجر
رحمه الله :
* قوله " ففرج صدري " : هو بفتح الفاء وبالجيم أيضاً أي شقه
..
* قوله " أسودة " : وزن أزمنة وهي الأشخاص من كل شئ ...
* قوله "
نسم بنيه " : جمع نسمة وهي الروح ..
* قوله " حتي ظهرت " : أي ارتفعت
..
وفي الحديث : علو الله تبارك وتعالي فوق جميع مخلوقاته وعظم قدر
الصلاة فى هذا الدين والتي لم يكتف سبحانه بفريضيتها علي نبيه صلي الله
عليه وسلم بواسطة جبريل بل رفعه سبحانه إلي السموات
العلا وفرضها عليه
فى السموات ليبين سبحانه علو قدر هذه الصلاة والتي هي الركن الثاني من
أركان الإسلام بعد الشهادتين ..
ـآ‘لقـصـة ـآ‘لـثـالـثـة ... فـضـل قـيـام
ـآ‘للـيـل
* أخرج البخاري رحمه الله :
عن ابن عمر رضي الله
عنهما قال : كان الرجل فى حياة النبي صلي الله عليه وسلم إذا رأي رؤيا قصها
علي النبي صلي الله عليه وسلم فتمنيت أن أري رؤيا أقصها علي النبي وكنت
غلاماً شاباً أعزب وكنت
أنام فى المسجد علي عهد النبي صلي الله عليه
وسلم فرأيت فى المنام كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلي النار فإذا هي مطوية
كطي البئر وإذا لها قرنان كقرني البئر وإذا فيها ناس قد عرفتهم فجعلت أقول
أعوذ
بالله من النار أعوذ بالله من النار فلقيهما ملك آخر فقال لي : لن
تراع فقصصتها علي حفصة فقصتها علي النبي صلي الله عليه وسلم فقال : " نعم
الرجل عبدالله لو كان يصلي بالليل " قال سالم : فكان عبدالله
لاينام من
الليل إلا قليلاً ...
* قوله " فإذا هي مطوية " : أي مبنيه والبئر قبل
أن تبني تسمي قليباً ..
* قوله " وإذا لها قرنان " : والمراد بالقرنين
هنا خشبتان أو بناءان تمد عليهما الخشبة العارضة التي تعلق فيها الحديدة
التي فيها البكرة ..
* قوله " لم ترع " : بضم أوله وفتح الراء بعدها
مهملة ساكنة أي لم تخف ... وفي الحديث أن قيام الليل يجعل الرجل فى منزلة
كاملة من الخير والقرب من الله عز وجل والجنة .. والبعد عن النار وعذاب
الله عز وجل ..
ـآ‘لـقـصـة ـآ‘لـرٍابـعـة ... فـضـل ـآ‘لإحـسـان إلي ـآ‘لـبـنـات
*
أخرج البخاري رحمه الله :
عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت : دخلت
امرأة معها ابنتان لها تسأل فلم تجد عندي شيئاً غير تمرة فأعطيتها إياها
فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها ثم قامت فخرجت فدخل النبي صلي الله عليه
وسلم علينا فأخبرته فقال :
" من ابتلي من هذه البنات بشئ كن له ستراً
من النار " ...
* قوله " ولم تأكل منها " : أي : مع جوعها إذ يستبعد أن
تكون شبعانة مع جوع ابنتيها ..
* قوله " ستراً " : بكسر أوله أي حجاباً
دافعاً ..
* قوله " من النار " : أي : دخولها ..
وفي الحديث : فضل
تربية البنات وأن تربيتهن خير لمن رزق بهن ، وعبر هنا بالإبتلاء إما من
الاختبار بما يكره ، أو الإصابة بما يكره ، لأنهم كانوا يرون البنات منقصة
وسبباً فى الهوان والذلة وغير ذلك ، فمن صبر علي
ما أصابه الله عز وجل
به ورضي بنعمة الله عز وجل برزقه بالبنات ، وشكره عليها بالإحسان إليهن
وحسن تربيتهن كان ذلك سبباً فى نجاته من النار ...
ـآ‘لـقـصـة ـآ‘لـخـامـسـة ...
فـضـل ـآ‘لـصـدقــة
* أخرج البخاري رحمه الله :
عن أبي هريرة
رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : " رجل لا تصدقن بصدقة
فخرج بصدقته فوضعها فى يد سارق فأصبحوا يتحدثون تصدق علي سارق .. فقال :
اللهم لك الحمد ..لا تصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها فى يد زانية
فأصبحوا
يتحدثون تصدق الليلة علي زانية .. فقال : اللهم لك الحمد .. لا تصدقن
بصدقة فخرج بصدقته فوضعها فى يد غني فأصبحوا يتحدثون تصدق علي غني ..فقال :
اللهم لك الحمد علي سارق وعلي زانية وعلي غني فأتي فقيل له أما صدقتك علي
سارق
فلعله أن يستعف عن سرقته وأما الزانية فلعلها أن تستعف علي زناها وأما
الغني فلعله يعتبر فينفق مما أعطاه الله .."
** قال ابن حجر رحمه الله :
* وقوله " لاتصدقن " : من باب الالتزام كالنذر مثلاً ، والقسم فيه
مقدر كأنه قال : والله لأتصدقن ..
* قوله " فوضعها فى يد سارق " : أي :
وهو لا يعلم أنه سارق ..
* قوله " فقال : اللهم لك الحمد " : أي : لا لي
لأن صدقتي وقعت فى بيد من لا يستحقها فلك الحمد حيث كان ذلك بإرادتك لا
بإرادتي فإن إرادة الله كلها خير ، وفى الحديث : دلالة علي أن الصدقة كانت
عندهم مختصة بأهل الحاجة من أهل الخير ،
ولهذا تعجبوا من الصدقة علي
الأصناف الثلاثة ...
وفي الحديث أيضاً : أن الإنسان عليه أن يتصدق
ابتغاء مرضات الله عز وجل ، ويبذل جهده ووسعه فى إيصاله إلي مستحقه فإذا
وقع فى يد غير مستحقه فإن ذلك لا يضره ، فإن الله عز وجل يأجره بل يجعل
صدقته سبباً لخير كثير لا يحتسبه ذلك المتصدق
ـآ‘لـقـصـة ـآ‘لـسـادسـة ... صـديـق
وٍشـهـيـدان
* أخرج البخاري رحمه الله :
عن سعيد بن قتادة أن
أنس بن مالك رضي الله عنه حدثهم أن النبي صلي الله عليه وسلم صعد أحداً
وأبو بكر وعمر وعثمان فرجف بهم فقال : " اثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق
وشهيدان " ..
* قوله " صعد أحد " : هو الجبل المعروف بالمدينة .
وفي
الحديث : فضل هؤلاء الصحب الكرام الذي كانوا معه صلوات الله وسلامه عليه ،
وأن الجبل ليس عليه إلا نبي كريم مرسل من الله عز وجل بالخير للناس ، أو
صديق يصدق ما جاء به النبي صلي الله عليه وسلم ، أو شهيد يقتل فى سبيل الله
عز وجل
وابتغاء مرضاته ورفع كلماته سبحانه وتعالي ..
ـآ‘لـقـصـة ـآ‘لـسـابـعـة ...
مـصـعـب بـن عـمـيـرٍ فـتـي مـكـة
* أخرج البخاري رحمه الله :
عن
شقيق عن خباب رضي الله عنه قال : هاجرنا مع النبي صلي الله عليه وسلم ونحن
نبتغي وجه الله فوجب أجرنا علي الله فمنا من مضي أو ذهب لم يأكل من أجره
شيئاً كان منهم مصعب بن عمير قتل يوم أحد فلم يترك إلا نمرة كنا إذا غطينا
بها رأسه خرجت
رجلاه وإذا غطي بها رجلاه خرج رأسه فقال لنا النبي صلي
الله عليه وسلم : " غطوا بعا رأسه واجعلوا علي رجليه الإذخر " أو قال : "
ألقوا علي رجليه من الإذخر ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها " ...
*
قوله " لم يأكل شيئاً من أجره " : كناية عن الغنائم التي تناولها من أدرك
زمن الفتوح ، وكأن المراد بالأجر ثمرته ، فليس مقصوراً علي أجر الآخرة ..
*
قوله " أينعت " : بفتح الهمزة وسكون التحتانية وفتح النون أي نضجت
*
قوله " فهو يهدبها " : بفتح أوله وكسر المهملة أي يجتنيها ، وضبطه النووي
بضم الدال ، وحكي ابن التين تثليثها ..
وفي الحديث : ما ضحي هؤلاء الصحب
الكرام الذين آمنوا بالنبي الكريم صلي الله عليه وسلم فضحوا بكل ما غلا
ورخص من الدنيا فى سبيل الله عز وجل وإيماناً بكتابه ورسوله حتي مات بعضهم
قبل الغنائم وقبل أن تفتح الفتوحات فأستوفي أجره كاملاً عند الله
عز وجل
فهنيئاً لهم وألحقنا الله بهم علي خير ..
ـآ‘لـقـصـة ـآ‘لـثـامـنـة ...من بركات أبي
بـكـرٍ رضي الله عنه
* أخرج البخاري رحمه الله :
عن
عبدالرحمن بن أبي بكر أن أصحاب الصفة كانوا أ ناساً فقراء وأن النبي صلي
الله عليه وسلم قال : " من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث وإن أربع
فخامس أو سادس " وأن أبا بكر جاء بثلاثة فانطلق النبي بعشرة قال : فهو أنا
وأبي وأمي فلا أدري قال :
وامرأتي وخادم بيننا وبين بيت أبي بكر وإن أبا
بكر تعشي عند النبي ثم لبث حيث صليت العشاء ثم رجع فلبث حتي تعشي النبي
فجاء بعد مامضي من الليل ما شاء الله قالت له امرأته : وما حبسك عن أضيافك
أو قالت : ضيفك قال : أو ما عشيتيهم ...قالت :
ضيفك قال : أو ما
عشيتيهم ..قالت : أبوا حتي تجئ قد عرضوا فأبوا قال : فذهبت أنا فإختبأت
فقال : ياغنثر فجدع وسب وقال : كلوا لا هنيئاً فقال : والله لا أطعمه أبداً
وايم الله ما كنا نأخذ من لقمة إلا ربا من أسفلها أكثر منها قال : يعني
حتي شبعوا وصارت أكثر مما كانت قبل
ذلك فنظر إليها أبو بكر فإذا هي كما
هي أو أكثر منها فقال : لامرأته يا أخت بني فراس ماهذا قالت : لا وقرة
عيني لهي الآن أكثر منها قبل ذلك بثلاث مرات فأكل منها أبو بكر وقال : انما
كان ذلك من الشيطان يعني يمينه ثم أكل منها لقمة ثم حملها إلي النبي صلي
الله عليه وسلم
فأصبحت عنده وكان بيننا وبين قوم عقد فمضي الأجل ففرقنا
اثنا عشر رجلاً من كل رجل منهم أناس الله أعلم كم مع كل رجل فأكلوا منها
أجمعون أو كما قال ..
* قوله " ففرقنا ": أي جعلنا فرقاً
وفي الحديث
ما امتن الله عز وجل به علي الصديق رضي الله عنه والمؤمنين من البركة فى
طعامهم وزيادته وتكثيره فتبارك الله عز وجل ولي المؤمنين ...
ـآ‘لـقـصـة
ـآ‘لـتـاسـعـة ... بـرٍكـه دعـاء ـآ‘لـصـالـحـيـن
* أخرج البخاري
رحمه الله :
عن أنس بن مالك قال : أصابت الناس سنة علي عهد النبي صلي
الله عليه وسلم فبينا النبي صلي الله عليه وسلم يخطب فى يوم جمعة قام
أعرابي فقال : يارسول الله هلك المال وجاع العيال فأدع الله لنا فرفع يديه
ومانري فى السما قزعة فو الذي نفسي بيده ماوضعها حتي ثار السحاب أمثال
الجبال
ثم لم ينزل عن منبره حتي رأيت المطر يتحادر علي لحيته فمطرنا يومنا ذلك
ومن الغد وبعد الغد والذي يليه حتي الجمعة الأخري وقام ذلك الأعرابي أو قال
: غيره قال : يارسول الله تهدم البناء وغرق المال فادع الله لنا فرفع يده
فقال : " اللهم حوالينا ولا علينا " فما يشير بيده إلي
ناحية من السحاب
إلا انفرجت وصارت المدينة مثل الجوبة وسال الوادي قناة شهراً ولم يجئ أحد
من ناحية إلا حدث بالجود ..
* قوله " وانقطعت السبل " : والمراد بذلك أن
الإبل ضعفت - لقلة القوت عن السفر ..
* قوله " فادع الله يغيثنا " : أي
فهو يغيثنا ..
* قوله " مثل الترس " : أي مستديرة ..
* قوله "
مارأينا الشمس سبتاً " : كناية عن استمرار الغيم الماطر ..
* قوله "
هلكت الأموال وانقطعت السبل " : أي بسبب غير السبب الأول والمراد أن كثرة
الماء انقطع المرعي بسببها فهلكت المواسي من عدم الرعي أو لعدم ما يكنها من
المطر ..
* قوله " اللهم حوالينا " : والمراد به صرف المطر عن الأبنية
والدور ..
* قوله " ولا علينا " : فيه بيان للمراد بقوله " حوالينا "
لأنها تشمل الطرق التي حولهم فأراد إخراجها بقوله " ولا علينا " ..
وفي
الحديث : استجابة الله عز وجل لنبيه الكريم صلي الله عليه وسلم بإنزال
المطر فى وقت لا يرجي فيه نزول المطر ولكنه فضل الله عز وجل علي نبيه صلي
الله عليه وسلم والمؤمنين وقدرته سبحانه التي لا يعجزها شئ ...
ـآ‘لـقـصـة ـآ‘لـعـاشـرٍة ...ـآ‘لـعـدل بـيـن ـآ‘لأوٍلاد
* أخرج
البخاري رحمه الله :
عن حـُصين عن عامر قال : سمعت النعمان بن بشير رضي
الله عنهما وهو علي المنبر يقول أعطاني أبي عطية فقالت عمرة بنت رواحة : لا
أرضي حتي تشهد رسول الله فأتي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال : إني
أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية فأمرتني أن أشهدك يارسول الله
قال : "
أعطيت سائر ولدك مثل هذا " ..قال : لا ..قال : " فاتقوا الله واعدلوا بين
أولادكم " .. قال : فرجع فرد عطيته ..
* الجور : أي الظلم ..
والعدل
بين الأولاد : هو التسوية بينهم فى الأمور التي يقدر الإنسان علي العدل
فيها ، وأما الأمور المتعلقه بالفلب والعواطف فهذه خارجة عن هذا الأمر لأن
النفوس تتفاوت تجاه الأولاد حسب ماهم عليه من أحوال .. فليس الصغير كالكبير
، وليس البار كالعاق وليس المريض كالسليم وليس القريب
كالبعيد وليس
المسافر كالحاضر ..
ففي الحديث علي العدل بين الأولاد كما أن الإنسان
يتمني من أولاده جميعاً البر فعليه أن لا يفرق بينهم فيما يستطيع فيه ذلك
كالكسوة والنفقة والهبات وغير ذلك من الأعراض المادية ..
ـآ‘لـقـصـة ـآ‘لـحـاديـة عـشـرٍ ...ذلـك ـآ‘لـمـال رٍابـح
*
أخرج البخاري رحمه الله :
عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع
أنس بن مالك رضي الله عنه يقول : كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالاً
من نخل وكان أحب أمواله إليه بيرحاء وكانت مستقبله المسجد وكان
رسول
الله صلي الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب قال أنس : فلما
أنزلت هذه الآية :" لن تنالوا البر حتي تنفقوا مما تحبون " .. قام أبو طلحة
إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم
فقال : يارسول الله إن الله تبارك
وتعالي يقول : " لن تنالوا البر حتي تنفقوا مما تحبون " وإن أحب أموالي إلي
بيرحاء وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله فضعها يارسول الله حيث
أراك
قال : فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " بخ ذلك مال رابح ذلك
مال رابح وقد سمعت ما قلت وإني أري أن تجعلها في الأقربين " .. فقال أبو
طلحة : أفعل يارسول الله فقسمها أبو طلحة في
أقاربه وبني عمه تابعه روح
وقال : يحيي بن يحيي وإسماعيل عن مالك رايح ...
وفي الحديث : فضل
الصدقة وأن ذلك يكون بأحب الأموال ليس بأردئها ولا أرخصها وأقلها قدراً
وقيمة ، وكذلك تدفع إلي الأقربين فهم أولي بالمعروف من غيرهم وأن النفقة فى
الخير وسبيل الله
عز وجل ربح محض ليس فيه خسارة بل إن الله عز وجل
يبارك فى مال المتصدق في الدنيا ويخلف عليه ويأجره خيراً منه في الآخرة ...
ـآ‘لـقـصـة ـآ‘لـثـانـيـة عـشـرٍ ... مـن خـيـرٍ ـآ‘لـنـاس
* أخرج
البخاري رحمه الله :
عن عقيل ابن شهاب قال أخبرني عبيد الله بن عبدالله
بن عتبة أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال : حدثنا رسول الله صلي الله
عليه وسلم حديثاً طويلاً عن الدجال فكان فيما حدثنا به أن قال :
" يأتي
الدجال وو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة بعض السباخ التي بالمدينة فيخرج
إليه يومئذ رجل هو خير الناس أو من خير الناس فيقول : أشهد أنك الدجال
الذي حدثنا عنك رسول الله
حديثه فيقول الدجال : أرأيت أن قتلت هذا ثم
أحييته هل تشكون فى الأمر فيقولون : لا . فيقتله ثم يحييه فيقول : حين
يحييه والله ما كنت قط أشد بصيرة مني اليوم فيقول الدجال : أقتله فلا أسلط
عليه"
وفي الحديث : مايحدث لهذه الأمة من فتنة عظيمة علمنا النبي صلي
الله عليه وسلم أن نتعوذ من شرها فى كل صلاة بعد التشهد بأن نقول : " اللهم
إني أعوذ بك من عذاب جهنم وأعوذ بك من عذاب
القبر وأعوذ بك من فتنة
المحيا والممات وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال " ..
وفي الحديث كذلك :
فضل العلم بحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم وأنه سبب للنجاة من جميع
الفتن ، كما صح عنه صلي الله عليه وسلم : " إنه من يعش منكم فسيري اختلافاً
كثيراً فعليكم بسنتي "
ـآ‘لـقـصـة ـآ‘لـثـالـثـة عـشـرٍ... صـدق
سـلـيـمـان
* أخرج البخاري رحمه الله :
عن عون بن أبي جحيفة
عن أبيه قال : آخي النبي صلي الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء فزار
سلمان أبا الدرداء فرأي أم الدرداء متبذلة فقال لها : ما شأنك .؟ قالت :
أخوك أبو الدرداء ليس له
حاجة في الدنيا فجاء أبو الدرداء فصنع له
طعاماً فقال : كل قال : فإني صائم قال : ما أنا بآكل حتي تأكل قال : فأكل
فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم قال : نم فنام ثم ذهب يقوم فقال : نم
فلما كان
من آخر الليل قال سلمان قم الآن فصليا فقال : له سلمان إن لربك
عليك حقاً ولنفسك عليك حقاً ولأهلك عليك حقاً فأعط كل ذي حق حقه فأتي
النبي فذكر ذلك له فقال النبي صلي الله عليه وسلم : " صدق
سلمان " ...
*
قوله " متبذلة " : المراد أنها تاركة للبس ثياب الزينة ..
وفي الحديث :
أي المؤمن لا ينبغي أن يشغله التنفل والتطوع من الصيام والصلاة بالغفلة
عما أوجب الله عز وجل عليه من حقوق نفسه أو حقوق الأخرين كالزوجة والأولاد
والأضياف والجيران وغير
ذلك من الحقوق ، فهي في ميزان الله عز وجل أعظم
وأكبر من فعل نافلة تؤدي إلي تضييع حق من الحقوق ...
ـآ‘لـقـصـة
ـآ‘لـرٍابـعـة عـشـرٍ ... لا شـفـاعـة فـي حـد مـن حـدوٍد الله
*
أخرج البخاري رحمه الله :
عن عائشة رضي الله عنها أن قريشاً أهمهم شأن
المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا : ومن يكلم فيها رسول الله صلي الله
عليه وسلم فقالوا : ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله فكلمه
أسامة
فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " أتشفع فى حد من حدود الله " ثم قام
فاختطب ثم قال : " إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف
تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه
الحد وايم الله لو أن فاطمة
بنت محمد سرقت لقطعت يدها " ..
* قوله " المخزومية " : هي أم عمرو بنت
سفيان بن عبد الأسد وهي بنت عمر المذكورة ..
* قوله " فقال : أتشفع في
حد من حدود الله " : بهمزة الاستفهام الإنكاري لأنه كان سبق له منع الشفاعة
فى الحد قبل ذلك ..
وفي الحديث : أن الناس في دين الله عز وجل سواء
وأنهم أمام حدود الله وشريعته كأسنان المشط لا فضل لأحد علي أحد بنسب أو
مال أو جاه وأن الذبن أعتبروا هذه الأمور وضيعوا ماشرع الله عز وجل
كان
ذلك سبب هلاكهم وفسادهم ..
ـآ‘لـقـصـة ـآ‘لـخـامـسـة عـشـرٍ ... الكسب الحلال وورع أبي
بكر رضي الله عنه
* أخرج البخاري رحمه الله :
عن عائشة رضي الله
عنها قالت : كان لأبي بكر غلام يخرج له الخراج وكان أبو بكر يأكل من خراجه
فجاء يوماً بشئ فأكل منه أبو بكر فقال له الغلام : أتدري ماهذا ..فقال أبو
بكر : وماهو .؟
قال : كنت تكهنت لإنسان فى الجاهلية وماأحسن الكهانة إلا
أني خدعته فلقيني فأعطاني بذلك فهذا أكلت منه فأدخل أبو بكر يده فقاء كل
شئ في بطنه ...
* قله " يخرج له الخراج " : أي يأتيه بما يكسبه والخراج
ما يقرره السيد علي عبده من مال يحضره له من كسبه ..
* قوله : " فأعطاني
بذلك " : أي عوض تكهني له ..
وفي الحديث : ماكان عليه الصديق رضي الله
عنه من الورع الشديد وتحري مايدخل جوفه رضي الله عنه والتأكد من حله وخلوه
من أي شبهة والتخلص الفوري من أي شئ مهما صغر أو قل إذا حدثت
فيه شبهة
من الحرام بل وإخراج مافي الجوف وإن خرجت معه الروح حتي لا يكون فى جوفه
لقمة من حرام أو من خداع أو كهانه أو شبهة ..
رضي الله عنه أبي بكر وعن
أصحاب النبي الكريم صلي الله عليه وسلم ووفقنا لعملهم فى الدنيا وحشرنا
الله فى زمرتهم يوم القيامة ..
ـآ‘لـقـصـة ـآ‘لـسـادسـة
عـشـرٍ ... قـصـة ـآ‘لإفــك
* أخرج البخاري رحمه الله :
عن
عائشة رضي الله عنها زوجة النبي صلي الله عليه وسلم حين قال لها : أهل
الإفك ما قالوا : فبرأها الله منه قال : الزهري وكلهم حدثني طائفة من
حديثها وبعضهم أوعي من بعض وأثبت له اقتصاصا
وقد وعيت عن كل واحد منهم
الحديث الذي حدثني عن عائشة وبعض حديثهم يصدق بعضاً زعموا أن عائشة قالت :
كان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج سفراً أقرع بين أزواجه
فأيتهن
خرج سهمها خرج بها معه فأقرع بيننا فى غزاة من غزاها فخرج سهمي
فخرجت معه بعد ماأنزل الحجاب فأنا أحمل في هودج وأنزل فيه فسرنا حتي إذا
فرغ رسول الله صلي الله عليه وسلم من غزوته
تلك وقفل ودنونا من المدينة
آذن ليلة بالرحيل فقمت حين آذنوا بالرحيل فمشيت حتي جاوزت الجيش فلما قضيت
شأني أقبلت إلي الرحل فلمست صدري فإذا غقد لي من جزع أظفار قد إنقطع فرجعت
فالتمست
عقدي فحبسني ابتغاؤه فأقبل الذين يرحلون لي فاحتملوا هودجي
فرحلوه علي بعيري الذي كنت أركب وهم يحسبون أني فيه وكان النساء إذ ذاك
خفافاً لم يثقلن ولم يغشهن اللحم وإنما يأكلن العلقة من الطعام
فلم
يستنكر القوم حين رفعوه ثقل الهودج فاحتملوه وكنت جارية حديثة السن فبعثوا
الجمل وساروا فوجدت عقدي بعد مااستمر الجيش فجئت منزلهم وليس فيه أحد فأممت
منزلي الذي كنت به فظننت أنهم
سيفقدونني فيرجعون إلي فبينا أنا جالسة
غلبتني عيناي فنمت وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش
فأصبح عند منزلي فرأي سواد إنسان نائم فأتاني وكان يراني قبل الحجاب
فاستيقظت
باسترجاعه حين أناخ راحلته فوطئ يدها فركبتها فأنطلق يقود بي
الراحلة حتي أتينا الجيش بعد مانزلوا معرسين في نحر الظهيرة فهلك من هلك
وكان الذي تولي الإفك عبدالله بن أبي ابن سلول فقدمنا المدينة
فاشتكيت
بها شهراً والناس يفيضون من قول أصحاب الإفك ويريبني في وجعي أني لا أري من
النبي اللطف الذي كنت أري منه حين أمرض إنما يدخل فيسلم ثم يقول كيف تيكم
لا أشعر بشئ من ذلك حتي
نقهت فخرجت وانا وأم مسطح قبل المناصع متبرزنا
لا نخرج إلا ليلاً إلي ليل وذلك قبل أن نتخد الكنف قريباً من بيوتنا وأمرنا
أمر العرب الأول فى البرية أو في التنزه فأقبلت أنا وأم مسطح بنت أبي رهم
نمشي
فعثرت في مرطها ..
فقالت : تعس مسطح
فقلت لها : بئس ما قلت
أتسبين رجلاً شهد بدراً
فقالت : يا هنتاه ألم تسمعي ما قالوا :
فأخبرتني بقول أهل الإفك فازددت مرضاً علي مرضي فلما رجعت إلي بيتي دخل علي
رسول الله فسلم ..
فقال : " كيف تيكم " ..
فقلت : ائذن لي إلي أبوي
..
قالت : وأنا جينئذ أريد أن أستيقن الخبر من قبلهما فأذن لي رسول الله
صلي الله عليه وسلم فأتيت أبوي فقلت لأمي ما يتحدث به الناس ..
فقالت :
يابنية هوني علي نفسك الشأن فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل
يحبها ولها ضرائر إلا أكثرن عليها ..
فقلت : ياسبحان الله ولقد يتحدث
الناس بهذا ..
قالت : فبت تلك الليلة حتي أصبحت لا يرقا لي دمع ولا
أكتحل بنوم ثم أصبحت فدعا رسول الله صلي الله عليه وسلم علي بن أبي طالب
وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي يستشيرهما في فراق أهله فأما
أسامة
فأشار عليه بالذي يعلم فى نفسه من الود لهم .. فقال أسامة : أهلك يارسول
الله ولا نعلم والله إلا خيراً ، وأما علي بن أبي طالب فقال : يارسول الله
لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير وسل الجارية
تصدقك . فدعا رسول
الله صلي الله عليه وسلم بريرة فقال : " يابريرة هل رأيت فيها شيئاً يريبك "
فقالت بريرة : لا والذي بعثك بالحق إن رأيت منها أمراً أغمصه عليها قط
أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن العجين فتأتي الداجن فتأكله ..فقام
رسول الله صلي الله عليه وسلم من يومه فاستعذر من عبد
الله بن أبي ابن
سلول ..فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " من يعذرني من رجل بلغني أذاه
فى أهلي فو الله ما علمت علي أهلي إلا خيراً وقد ذكروا رجلاً ما علمت عليه
إلا خيراً وما كان يدخل علي
أهلي إلا معي " ....
فقام سعد بن معاذ
فقال : يارسول الله أنا والله أعذرك منه إن كان من الأوس ضربنا عنقه وإن
كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا فيه أمرك . فقام سعد بن عبادة وهو
سيد الخزرج وكان قبل ذلك رجلا
صالحاً ولكن احتملته الحمية فقال : كذبت
لعمر الله لا تقتله ولا تقدر علي ذلك فقام أسيد بن حضير فقال : كذبت لعمر
الله والله لنقتلنه فإنك منافق تجادل عن المنافقين فثار الحيان الأوس
والخزرج حتي هموا
ورسول الله صلي الله عليه وسلم علي المنبر فنزل
فخفضهم حتي سكتوا وسكت وبكيت يومي لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم فأصبح
عندي أبواي وقد بكيت ليلتين ويوماً حتي أظن أن البكاء فالق كبدي ..
قالت
: فبينا هما جالسان عندي وأنا أبكي إذ استأذنت امرأة من الأنصار فأذنت لها
فجلست تبكي معي فبينا نحن كذلك إذ دخل رسول الله صلي الله عليه وسلم فجلس
ولم يجلس عندي من يوم قيل في ما قيل
قبلها وقد مكث شهراً لا يوحي إليه
فى شأني شئ ..
قالت : فتشهد .. ثم قال :" ياعائشة فإنه بلغني عنك كذا
وكذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي
إليه فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه .."
فلما قضي رسول
الله مقالته قلص دمعي حتي ما أحس منه قطرة وقلت لأبي أجب عني رسول الله
صلي الله عليه وسلم ..قال : والله ماأدري ما أقول لرسول الله صلي الله عليه
وسلم .. فقلت لأمي : أجيبي عني
رسول الله فيما قال .. قالت : والله ما
أدري ما أقول لرسول الله صلي الله عليه وسلم .. قالت : وأنا جارية حديثة
السن لا أقرأ كثيراً فى القرآن فقلت : إني والله لقد علمت أنكم سمعتم
مايتحدث به الناس ووقر
فى أنفسكم وصدقتم به ولئن قلت لكم إني بريئة
والله يعلم إني لبريئة لا تصدقوني بذلك ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم
إني بريئة لتصدقني والله ما أجد لي ولكم مثلاً إلا أبا يوسف إذ قال : فصبر
جميل والله
المستعان علي ماتصفون ثم تحولت علي فراشي وأنا أرجو أن
يبرئني الله ولكن والله ماظننت أن ينزل فى شأني وحياً ولأنا أحقر في نفسي
من أن يتكلم بالقرآن فى أمري ولكني كنت أرجو أن يري رسول الله
صلي الله
عليه وسلم فى النوم رؤيا يبرئني الله فوالله ما رام مجلسه ولا خرج أحد من
أهل البيت حتي أنزل عليه الوحي أخذه من البرحاء حتي إنه ليتحدر منه مثل
الجمان من العرق في يوم شات فلما سري
عن رسول الله وهو يضحك فكان أول
كلمة تكلم بها أن قال لي : " ياعائشة احمدي الله فقد برأك الله " ..فقالت
لي أمي : قومي إلي رسول الله ..فقلت : لا والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا
الله فأنزل الله تعالي :"
إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم " الآيات لما
أنزل الله هذا فى براءتي قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : وكان ينفق علي
مسطح بن أثاثة لقرابته منه والله لا أنفق علي مسطح شيئاً أبداً بعد ما قال
لعائشة
فأنزل الله تعالي : " ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن
يؤتوا أولي القربي " إلي قوله " غفور رحيم " ..
فقال أبو بكر : بلي
والله إني لأحب أن يغفر الله لي فرجع إلي مسطح الذي كان يجري عليه وكان
رسول الله صلي الله عليه وسلم يسأل زينب بنت جحش عن أمري .. فقال : يا زينب
ماعلمت مارأيت
فقالت : يارسول الله ..الله أحمي سمعي وبصري والله ما
علمت عليها إلا خيراً .. قالت : وهي التي كانت تساميني فعصمها الله بالورع
..
* قوله " كان رسول الله إذا أراد أن يخرج " : أي إلي السفر ..
*
قوله " وقفل " : أي رجع من غزوته ..
* قوله " ودنونا من المدينة قافلين "
: أي راجعين ..
* قوله " آذن " : أعلم بالرحيل ..
* قوله " فمشيت
حتي جاوزت الجيش " : أي لتقضي حاجتها منفردة ..
* قوله " فلما قضيت شأني
" : الذي توجهت بسببه ..
* قوله " عقد " : أي قلادة تعلق فى العنق
للتزين بها ..
* قوله " فلما قضيت شأني " : أي فرغت من قضاء حاجتي ..
*
قوله " أقبلت إلي رحلي " : أي رجعت إلي المكان الذي كانت نازلة فيه ..
*
قوله " فرحلوه " : أي وضعوه ..
* قوله " وكان النساء إذ ذاك خفافاً " :
قالت هذا كالتفسير لقولها : يحسبون أني فيه ..
* قوله " العلقة " : أي
القليل من الطعام ..
* " فبعثوا الجمل " : أي أثاروه ..
* قوله "
بعدما استمر الجيش " : أي ذهب ماضياً وهو استفعل من مر ..
* قوله "
فخمرت " أي غطيت وجهي بجلبابي ..
* قوله " فوطئ علي يدها " : أي ليكون
أسهل لركوبها ولا يحتاج إلي مسها عند ركوبها ..
* قوله " في نحر الظهيرة
" : وقت شدة الحر ..
* قوله " كان الذي تولي كبره " : أي تصدي لذلك
وتقلده ..
* قوله " الناس يفيضون " : يخوضون ..
* قوله " اللطف " :
الرفق ..
* قوله " الذي كنت أري منه حين اشتكي : اي حين أمرض ..
*
قوله " نقهت " : الذي أفاق من مرضه ولم تتكامل صحته ..
* قوله " قبل
المناصع " : أي جهتها ..
* قوله " وضيئة " : بوزن عظيمة من الوضاءة أي
حسنة جميلة ..
* قوله " ضرائر " : جمع ضرة وقيل للزوجات ضرائر لأن كل
واحدة يحصل لها الضرر من الأخري بالغيرة ..
* قوله " لا يرقأ لي دمع " :
أي لا ينقطع ..
* قوله " لا أكتحل بنوم " : استعارة للسهر ..
* قوله
" حين استلبث الوحي " : أي طال لبث نزوله ..
* قوله " أغمصه " : أي
أعيبه ..
ـآ‘لـقـصـة ـآ‘لـسـابـعـة عـشـرٍ ... ـآ‘لـرٍقـيـة
بـفـاتـحـة ـآ‘لـكـتـاب
* أخرج البخاري رحمه الله :
عن أبي
سعيد رضي الله عنه قال : انطلق نفر من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم فى
سفرة سافروها حتي نزلوا علي حي من احياء العرب فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم
فلدغ سيد ذلك الحي فسعوا له بكل
شئ لا ينفعه شئ فقال بعضهم : لو أتيتم
هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعله أن يكون عند بعضهم شئ فأتوهم فقالوا : يا
أيها الرهط إن سيدنا لدغ وسعينا له بكل شئ لا ينفعه فهل عند أحد منكم من شئ
فقال بعضهم:
نعم والله إني لأرقي ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا
فما أنا براق لكم حتي تجعلوا لنا جعلاً فصالحوهم علي قطيع من الغنم فانطلق
يتفل عليه ويقرأ الحمدلله رب العالمين فكأنما نشط من عقال فانطلق يمشي
وما
به قلبة قال : فأوفوهم جعلهم صالحوهم عليه فقال بعضهم : اقسموا فقال الذي
رقي : لا تفعلوا حتي نأتي النبي صلي الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان
فننظر ما يأمرنا فقدموا علي رسول الله صلي الله عليه
وسلم فذكروا له
فقال : " ومايدريك أنها رقيه " ..ثم قال :" قد أصبتم اقسموا واضربوا لي
معكم سهماً " فضحك رسول الله قال أبو عبدالله : و قال شعبة : حدثنا أبو بشر
سمعت أبا المتوكل بهذا ..
* قوله " فسعوا له بكل شئ " : أي مما جرت به
العادة أن يتداوي به من لدغة العقرب ..
* قوله " فصالحوهم " : أي
وافقوهم ..
* قوله " فانطلق يتفل " : وهو نفخ معه قليل بزاق ..
*
قوله " من عقال " : هو الحبل الذي يشد به ذراع البهيمة ..
* قوله "
فننظر ما يأمرنا " : أي فنتبعه ولم يريدوا أنهم يخيرون في ذلك ..
* قوله
" واضربوا لي معكم سهماً " : أي اجعلوا لي منه نصيباً ..
وفي الحديث :
فضل القرآن العظيم ذلك الكتاب الذي أنزله الله عز وجل منهج حياة فشرع فيه
لعبادة ما يحل وما يحرم عليهم وعرفهم فيه به سبحانه واسمائه وصفاته وما
يليق بجلاله تبارك و تعالي وله من الفضائل
مالا يعد ولا يحصي كيف لا
وهو كلام الله تبارك وتعالي ومن أحسن من الله قيلاً ومن أحسن من الله
حديثاً فمن فضائله : أن الله عز وجل جعله شفاء لما فى الصدور من الشكوك
والأوهام والشبه وجعله سبحانه
كذلك شفاء للأبدان من العين والحسد والمس
والسحر بل ومن لدغ الحيات والعقارب نسأل الله السلامة وأن يحفظنا سبحانه
بكتابه من كل سوء وأن يدفع سبحانه عنا به كل مكروه وجعلنا له من التالين
الحافظين
العاملين بأوامره التاركين لما نهي عنه ..
ـآ‘لـقـصـة
ـآ‘لـثـامـنـة عـشـرٍ ... فضل الجـهـاد في سـبيـل الله
* أخرج
البخاري رحمه الله :
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أنه قال : بعث
رسول الله صلي الله عليه وسلم بعثاً قبل الساحل فأمر عليهم أبا عبيدة بن
الجراح وهم ثلاث مائة وأنا فيهم فخرجنا حتي إذا كنا ببعض الطريق فني الزاد
فأمر
أبو عبيدة بأزواد ذلك الجيش فجمع ذلك كله فكان مزودي تمر فكان
يقوينا كل يوم قليلاً قليلاً حتي فني فلم يكن يصيبنا إلا تمرة تمرة فقلت
وما تغني تمرة فقال : لقد وجدنا فقدها حين فنيت قال : ثم انتهينا إلي البحر
فإذا
حوت مثل الظرب فأكل منه ذلك الجيش ثماني عشرة ليلة ثم أمر أبو عبيدة
بضلعين من أضلاعة فنصبا ثم أمر براحلة فرحلت ثم مرت تحتهما فلم تصبهما ...
*
قوله " قبل الساحل " : أي جهته ..
* قوله " كل يوم قليلاً قليلاً حتي
فني فلم يكن يصيبنا إلا تمرة تمرة " : ظاهر هذا السياق أنهم كان لهم زاد
بطريق العموم وأزواد بطريق الخصوص فلما فني الذي بطريق العموم اقتضي رأي
أبي عبيدة أن
يجمع الذي بطريق الخصوص لقصد المساواة بينهم فى ذلك ففعل
فكان جميعه مزوداً واحداً ..
* قوله " فإذا حوت مثل الظرب " : اما الحوت
فهو اسم جنس لجميع السمك وقيل هو مخصوص بما عظم منها والظرب بفتح المعجمة
المشالة ..
وفي الحديث : فضل الله عز وجل علي الصحابة الكرام بهذا الحوت
بعد أن أوشكوا علي الجوع الشديد والهلاك وهكذا الله عز وجل ولي المؤمنين
يحفظهم ويرعاهم ماداموا في سبيله وعلي مرضاته وفي محابه
فتبارك الله رب
العالمين ..
ـآ‘لـقـصـة ـآ‘لـتـاسـعـة عـشـرٍ ... وٍفـاء ديـن
ـآ‘لـشـهـيـد
* وأخرج البخاري رحمه الله :
عن جابر بن
عبدالله رضي الله عنهما قال : توفي أبي وعليه دين فعرضت علي غرمائه أن
يأخذوا التمر بما عليه فأبوا ولم يروا أن فيه وفاء فأتيت النبي صلي الله
عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال : " إذا جددته
فوضعته فى المربد " آذنت
رسول الله صلي الله عليه وسلم فجاء ومعه أبو بكر وعمر فجلس عليه ودعا
بالبركة ثم قال : " ادع غرماءك فأوفهم " فما تركت أحداً له علي أبي دين إلا
قضيته وفضل ثلاثة عشر
وسقا سبعة عجوة وستة لون أو ستة عجوة وسبعة لون
فوافيت مع رسول الله صلي الله عليه وسلم المغرب فذكرت ذلك له فضحك فقال : "
ائت أبا بكر وعمر " فأخبرهما فقالا : لقد علمنا إذ صنع رسول الله
صلي
الله عليه وسلم ماصنع أن سيكون ذلك وقال : هشام عن وهب عن جابر صلاة العصر
ولم يذكر أبا بكر ولا ضحك وقال : وترك أبي عليه ثلاثين وسقا ديناً وقال :
ابن إسحاق عن وهب عن جابر
صلاة الظهر ..
وفي الحديث : فضل الله عز
وجل علي نبيه صلي الله عليه وسلم وعلي الصحابة الكرام رضوان الله عليهم
بإنزال البركة منه سبحانه عليهم فيزيد طعامهم ويبارك لهم فيه .
وكذلك
فيه ما خلف الله عز وجل عبده المؤمن المجاهد في سبيله المستشهد في مرضاته
وإعلاء كلمته فخلفه الله فى ولده وأهله بكل خير وسد سبحانه وتعالي دينه
وأرضي ولده وأغناهم وكيف لا .؟
أولاد الشهداء فالحمدلله رب العالمين ...
ـآ‘لـقـصـة ـآ‘لـعـشـرٍوٍن ... الـيـد ـآ‘لـعـلـيا خـيـر من ـآ‘لـيـد
ـآ‘لـسـفـلـي
* أخرج البخاري رحمه الله :
عن الزهري عن سعيد
بن المسيب وعروة بن الزبير أن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال : سألت رسول
الله صلي الله عليه وسلم فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم قال لي : " يا حكيم
إن هذا المال خضر حلو
فمن أخذه بسخارة نفس بورك له فيه ومن أخذه بإشراف
نفس لم يبارك له فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع واليد العليا خير من اليد
السفلي " قال حكيم : فقلت : يارسول الله والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحداً
بعدك شيئاً
حتي أفارق الدنيا فكان أبو بكر يدعو حكيماً ليعطيه العطاء
فيأبي أن يقبل منه شيئاً ثم إن عمر دعاه ليعطيه فيأبي أن يقبله فقال :
يامعشر المسلمين إني أعرض عليه حقه الذي قسم الله له من هذا الفئ فيأبي أن
يأخذه
فلم يرزأ حكيم أحداً من الناس بعد النبي صلي الله عليه وسلم حتي توفي رحمه
الله ..
* قوله " خضرة حلوة " : شبهه بالرغبة فيه والميل إليه وحرص
النفوس عليه بالفاكهة الخضراء المستلذة فإن الأخضر مرغوب فيه علي انفراده
بالنسبة إلي اليابس والحلو مرغوب فيه علي انفراده بالنسبة للحامض
فالإعجاب
بهما إذا اجتمعا أشد ..
* قوله " بسخاوة نفس " : أي بغير شره ولا إلحاح
أي من أخذه بغير سؤال ..
* قوله " كالذي يأكل ولا يشبع " : الذي يسمي
جوعه كذاباً لأنه من علة به وسقم فكلما أكل ازداد سقماً ولم يجد شبعاً ..
*
قوله " لا أرزاً " : لا أنقص ماله بالطلب منه ..