السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصة مؤثرة جدا حصلت في الرياض والصور يوم كانوا صغار
23/1 هـ، تاريخ لا تنساه أسرة الفقيدة نورة خالد المالكي، فهو تاريخ ولادتها وتاريخ شهادة وفاتها، نورة طفلة سعودية تبلغ من العمر 13 عامًا، كانت في الصف الأول متوسط، ولقيت حتفها غرقًا في غرفة للصرف الصحي قرب العمارة التي تسكن في إحدى شققها، شرق مدينة الرياض بحي الروضة، حيثُ خرجت من منزلها لتركب سيارة والدها ليوصلها إلى مدرستها عند الساعة السادسة صباحًا، لتسقط في بالوعة مكشوفة، «سيدتي» تلتقي والدها ووالدتها لتواسيهما، ولتسمع منهما تفاصيل المأساة.
"خرجت نورة في السادسة صباحًا، ترتدي عباءتها وتغطي وجهها، وعندما أرادت أن تركب سيارتي من أجل الذهاب إلى المدرسة لم تفطن إلى أن فتحة الصرف الصحي مكشوفة لتسقط داخلها»، هكذا يقول خالد المالكي والد نورة ويستطرد: لا نعلم متى قاموا بفتحها، فعند الثانية من منتصف الليل، أي قبيل الحادثة بأربع ساعات، كان صهريج يفرغ غرفة الصرف، ولا أعلم إذا كان العامل فتحها عند الصباح مرة أخرى، أم أنها لم تغلق من الأساس.
منْ أبلغك بسقوطها؟
ابني عبد الله الذي كان ينتظر إخوته أمام السيارة شاهدها وهي تسقط، فأخبرني بأنّ نورة سقطت، فظننت أنها سقطت من الدرج، لكن عندما أبلغني أنها سقطت في فتحة الصرف الصحي نزلت مسرعًا، حاولت أنا وشقيقها إنقاذها لكن لقوة الرائحة المنبعثة من فتحة الصرف الصحي أُصبت بدوار، ولم نستطع فعل شيء لها، فأصبحت أصرخ بلا شعور وذهبت لإحضار الدفاع المدني الذي كان يبعد عن شقتي دقائق، وبالفعل حضر بسرعة وخلال ثلاث دقائق أخرجتها الفرقة جثة هامدة قبل وصولها إلى المستشفى، وكان سبب الوفاة توقف القلب والتنفس نتيجة السقوط في غرفة الصرف الصحي.
وما المدة التي بقيت فيها نورة داخل غرفة الصرف؟ ومتى أُخرجت؟
ما بين سقوطها وإخراجها بواسطة الدفاع المدني استغرق عشر دقائق.
وبعد الحادث ألم تتقدم بشكوى؟
نعم تقدمت بشكوى، وهناك قضية بحقوق الإنسان، وبإمارة منطقة الرياض لأخذ حق ابنتي التي ذهبت ضحية إهمال مقصود، ووكلت محاميًا لمتابعة القضية، حيثُ رفعت دعوى قضائية ضد المطعم المجاور، وضد العامل الذي أهمل تغطية الغرفة لأنهم جميعًا اشتركوا بوفاة نورة.
للأسف حتى أيام عزاء نورة كانت البالوعة لا تزال مفتوحة، وكل منْ حضر إلى العزاء كان يخشى على أبنائه من السقوط. وظلت البالوعة مفتوحة ولكنني تلقيت اتصالات بعد ذلك من الإمارة والدفاع المدني ووزارة المياه جميعهم حضروا إلى العمارة وسألوا عن صاحب العمارة، وقاموا بإغلاق الفتحة، كما تم إغلاق المطعم، لكن كل هذه الإجراءات جاءت متأخرة فقد فقدت ابنتي ولا رادَّ لقضاء الله.
وهل أُصدرت لها شهادة الوفاة؟
نعم، وعندما شاهدتها تأثرت جدًّا أنا ووالدتها، فالشهادة تحمل نفس تاريخ ميلادها، ولدت في 23/1/1417هـ وأصدرت شهادة وفاتها في 23/1/1431هـ.
أما الأم فقالت: "ابنتي نورة كانت فتاة ملتزمة رغم صغر سنّها، ويوم غرقها كانت صائمة يوم عاشوراء، وصلّت الفجر، وبعد ذلك كانت متوجهة إلى المدرسة وهي بكامل حجابها، ولله الحمد كانت مطيعة وهادئة»، هكذا تصف الأم الثكلى ابنتها، وتتذكر أيضًا: «كانت تقوم بعمل فني للمدرسة بمناسبة عودة الأمير سلطان بن عبد العزيز إلى أرض الوطن، وقالت: "أريد أن أقدم شيئًا مختلفًا عن زميلاتي، فكتبت اسم الأمير سلطان على قطعة خاصة بها".
ألم تشعري يوم وفاتها أو قبله بأنها كانت تودّعكم؟
نعم لقد حدث أمر غريب قبل وفاتها بيوم، فعندما كانت جالسة على العشاء الساعة التاسعة مساء مع شقيقتها بشاير، كانت تضحك بطريقة غير عادية، مع أنها لم تعتد أن تفعل ذلك أبدًا، ولا حتى في صغرها، وكانت تحاول أن تُضحك شقيقتها، فقلت لها: إنّ الضحك الزائد أمر غير طيب، ولكنها لم تسمع كلامي واستمرت بالضحك وهي أول مرة تضحك نورة هكذا.
وما موقف شقيقها الذي رآها وهي تسقط؟
حالة عبد الله صعبة جدًّا، ودائمًا يقول لي: «لا أستطيع أن أنسى ما حدث، فهو كالشريط يمر كل لحظة أمامي»، فهو منْ شاهدها وهي تسقط، وآخر منْ سمع صوتها، كان يريد أن ينزل ولكن لم يستطع بسبب الرائحة القوية، ولو لم يرها شقيقها لكنت أبحث عن ابنتي طوال حياتي، وأعتقد أنها خطفت مني دون أن أشعر ولكن الحمد الله على كل حال.
كم من الأبناء لديك؟
خمسة وهم: عبد الله، والفقيدة نورة، وبشاير، والجازي، ومحمد